علي العبداني.. الصحافي العصامي

اختفى اسمه من سجلات الرواد ونسيته المراجع والمجمعات الأدبية والهيئات الإعلامية، ظل اسمه طيلة أكثر من ستين عاماً غائباً بغيابه عن الحياة الدنيا منذ أن كان شاباً يتوقد حماساً وغيرةً على مجتمعه ووظيفته، التي آمن بسمو رسالتها وعلو كعبها في ميدان الخدمة المجتمعية والنفع العام، وعلى الرغم من أن اسمه وأعماله كانتا ملء السمع والبصر في سبعينيات القرن الهجري الماضي، إلا أن غيابه عن بلاط مهنة المتاعب تزامن مع غيابه عن الحياة الدنيا، وعلى الرغم من أن رحيله جاء مع بدايات الأنشطة والأعمال الصحفية في مدينة الرياض، إلا أنه استمر في قلوب وذاكرة زملائه ورفاق دربه كالشيخ حمد الجاسر وعبدالله بن إدريس وسعد البواردي وعبد اللطيف المي وعثمان شوقي وراشد الحمدان، وغيرهم من زملائه ورفاقه الذين عاصروه وزاملوه في صفوف التعليم وبلاط الإعلام، إلى أن جاء الكاتب والباحث سليمان بن محمد الحديثي فأتحف المكتبة العربية بسيرة كاملة لأول فقيد في مسيرة الصحافة السعودية، ليصبح كتابه (يوم بكت الصحافة) المرجع الأشمل لسيرة الفقيد علي بن حمد بن إبراهيم العبداني، الذي ولد في أواخر عام 1353هـ في مدينة البكيرية بمنطقة القصيم، ‏والذي وصفه أحد زملائه في عالم الصحافة بأنه العصامي والأديب البليغ، والكاتب صاحب القلم، والخطيب المفوّه، الذي توفي وهو دون السادسة والعشرين من العمر، فذهل كل من عرفه، وأصيب كثيرٌ منهم بصدمة كبيرة، وظلت الصحف حينها تنشر المقالات، والقصائد في رثائه عدة أسابيع، ونعته الجرائد السعودية بـ «فقيد الصحافة».

رحلة إلى الرياض

والده هو حمد العبداني، وهو رجل من أهل البكيرية، كان من الرجال الجسورين المغامرين، وقد ذهب مع العقيلات، وهي "قوافل ‏تخرج من القصيم سنوياً للتجارة والعمل، إلى بلاد الشام ومصر والعراق"، في ‏رحلات تجارية لعدة مناطق خارج المملكة كما عمل حمد فترة ‏من الفترات في الغوص ولذا فقد كان لديه سعة أفق، ووعي بأهمية العلم والمعرفة، ‏وما إن بلغ ابنه عليٌ الثامنة من العمر، حتى أدخله الكُتَّاب في "مسجد تركي" كي ‏يحفظ القرآن الكريم ويتعلم القراءة والكتابة والحساب ومبادئ العلوم. ‏

واضطر للانقطاع عن الكُتاب في أوائل عام 1363 حيث ‏رحل مع والده، وعائلته على ظهور الإبل والسيارات، إلى العاصمة الرياض، وهناك تعرف على أشياء جديدة لم يكن يعرفها في ‏بلده، وكان لماحًا فطناً يسأل عن كل شيء يلفت نظره وتمتع بذاكرة قوية ‏جعلته لا يكاد ينسى شيئاً مر به.‏

طالب وأستاذ

في عام 1367هـ، افتتحت أول مدرسة نظامية في مدينة البكيرية، وهي مدرسة ‏العزيزية، وكان علي العبداني من أوائل الملتحقين بها، وواصل تحصيله العلمي، حتى ‏تخرج في هذه المدرسة بتفوق، ونظرًا إلى تميزه وحاجة المدرسة إلى مدرسين، فقد ‏عين أستاذًا في هذه المدرسة، وهو في السنة الخامسة، إذ كان يُدَرس طلاب ‏السنوات الأولى وفي الوقت نفسه يواصل دراسته، وحين تخرج كان ترتيبه السابع ‏على طلاب مدارس المملكة، علماً بأنه كانت تشكل لجنة لاختبار الطلاب من مديرية ‏المعارف، وكانت الشهادة تصدر من مدينة مكة المكرمة.‏

إمام الجامع

وبعد تخرجه استمر يُدَرس الطلاب بكل كفاءة وقد عُرف بين أهل مدينته بلقب ‏‏"الأستاذ"، وكانت له في نفوسهم محبة كبيرة واحترام وتقدير من الكبير والصغير ‏وخلال عامي 1367 و1368هـ رشحه قاضي البكيرية الشيخ عبدالعزيز السبيل ‏ليصبح إمامًا في مسجد الحسون، وكان قد أتم حفظ القرآن الكريم كاملًا، فأمّ ‏المصلين بالإضافة إلى دراسته وأعماله الأخرى، وكان في الخامسة عشرة من ‏عمره حين تولى الإمامة، وصلى بالناس، وظل مدرساً في مدرسة العزيزية إلي أن ‏افتتحت مدرسة جديدة في البكيرية أوائل عام 1372هـ، وهي المدرسة السعودية، ‏فاختير للإشراف عليها وإدارتها بالإضافة إلى تدريس الطلاب، استمر مدرسًا ‏ومديرًا لهذه المدرسة عدة أشهر، وقد تتلمذ على يديه واستفاد منه عدد كبير من ‏أبناء البكيرية، لكن طموحه سار به إلى الرياض، حيث المراكز العلمية أكبر ‏والإمكانيات أوفر والحركة العلمية والثقافية لا تقارن بمدينته الوادعة‎.‎

ويذكر الشيخ محمد السبيل إمام وخطيب المسجد الحرام وعضو هيئة كبار العلماء ‏ورئيس شؤون الحرمين السابق، وهو من أساتذة علي العبداني، في المدرسة ‏العزيزية في البكيرية (1367-1370هـ) أن عليًا وهو تلميذ كان يملك مذياعاً (راديو)، وكان يستمع بحرص إلى البرامج الثقافية، والأخبار السياسية، ويتابع ‏باستمرار إذاعة "لندن"، وقد يكون من أوائل من امتلك مذياعًا في مدينته، وهذا يدل ‏بشكل واضح على مدى اهتماماته الثقافية، وتطلعه الشديد لمعرفة كل ما هو جديد، ‏ناهيك عن أنه كان يحرص أشد الحرص على اقتناء الصحف العربية الصادرة من مصر، ولبنان، والكويت، وعدد من الدول العربية، وكان يقرؤها بنهم ويتابع صدورها أولاً بأول.‏

لقاء الملك

في عام 1373 توفي المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وبويع بعده ‏ابنه الملك سعود رحمه الله، وقام الملك سعود بعد توليه الحكم بجولة ‏في أنحاء المملكة، وزار مدن القصيم، ومن بينها البكيرية التي أقامت له حفلًا كبيرًا ‏ووقع اختيار منظمي الحفل من أهالي البكيرية على العبداني ليلقي كلمة الترحيب ‏بالملك سعود، فجاء من مدينة الرياض حيث كان يدرس، لهذا الغرض، وقد كان ‏فصيحًا بليغًا مفوهًا فألقى كلمة حازت على إعجاب الملك، وإعجاب الحاضرين، ولم ‏يكن عمره حينها يتجاوز 20 عامًا وقد سلم بعدها على الملك سعود الذي أثنى ‏عليه، كما سأله عن اسمه، فأجاب: علي بن حمد بن إبراهيم العبداني، ودعا له الملك ‏سعود بالتوفيق، وكافأه‎.‎

المعهد العلمي

في عام 1372هـ، انتقل العبداني إلى مدينة الرياض، وأقام في حي المربع، وتفكيره ‏منصب على أعلى المراكز العلمية في هذه المدينة، وهو معهد الرياض العلمي الذي ‏افتتح قبل ذلك الوقت بعام وفي عام 1373هـ، واصل دراسته في ذلك المعهد الذي ‏كان يُدَرس فيه كبار العلماء من السعودية، ومصر، وغيرها من الدول العربية، و‏شهد المعهد وناديه الأدبي نقاشات متعددة بين طلابه في المسائل الدينية، والفكرية، ‏والأدبية، والسياسية، وكان علي العبداني ممن شاركوا باستمرار في هذه النقاشات، ‏التي كانت تثري ثقافة الحضور والمتناقشين، وكان زملاء علي يعرفون أنه قوي ‏الحجة، سريع البديهة، متوقد الذهن، وأنه كان متفوقًا علميًا وثقافيًا ‏على زملائه، بل حتى على طلبة كلية العلوم الشرعية واللغة‎.‎

صحيفة البلاد

نبغ العبداني في دراسته وحاز على إعجاب شيوخه وأساتذته، وذاع صيته، واشتهر ‏بين أهل العلم والمعرفة، وخلال الدراسة في المعهد عمل مراسلًا لجريدة "البلاد" ‏السعودية التي تصدر من مدينة جدة، وكان يوافيهم بأخبار مدينة البكيرية واستمر ‏يكتب لـ"البلاد" رسالة البكيرية مدة، حتى بدأت مرحلة جديدة ومهمة في حياته المهنية ‏والثقافية بالتعرف على الشيخ حمد الجاسر الذي كان مديراً لكلية العلوم الشرعية ‏واللغة التي تأسست في مدينة الرياض عام 1373 ووكيلًا لمدير المعاهد والكليات، ‏وكانت علاقة الشيخ الجاسر بالمعهد قوية، بحكم عمله يزوره باستمرار وهناك ‏التقى بالعبداني، وعرفه وأعجب به، ورأى فيه الشاب المثقف الطموح العصامي، وما به من روح الإبداع والمثابرة والنظرة المستقبلية المستنيرة.‏

مديرًا للمطابع

وكان حمد الجاسر يعد العدة لإنشاء أول شركة للطباعة والنشر في منطقة نجد، ‏وتطوير مجلة اليمامة لتصبح جريدة أسبوعية، وجمع الأموال من بعض طلاب ‏وأساتذة المعهد العلمي بالرياض، ومن المساهمين من التجار والمثقفين والوجهاء ‏ورأى الجاسر أن العبداني هو الشخص المناسب لكي يدير هذا العمل، وكان ‏العبداني راغبًا في ذلك، فالتحق بالعمل في شركة الطباعة والنشر الوطنية، مطابع ‏الرياض، كما انضم إلى أسرة تحرير جريدة اليمامة وكُتابها.‏

مُحب لمهنته

كتب عنه الشيخ عبدالله البسام فقال: ومن كتابات علي العبداني زاوية مستمرة في جريدة"اليمامة" عنوانها "في الصميم"، يكتب فيها المقالات المنوعة في النقد والإصلاح والاجتماع، وكان لهذه المقالات صداها عند كثير من المعجبين بكتاباته، لما تحلى به من الجرأة والصدق والموضوعية، وهو بحق من المطلعين المتقنين الذين لهم في كل علم وفن نصيب، وهو خطيب مفوه، فصيح بليغ، لِما انطبع به من قراءة الأدب الرفيع من نثره وشعره الذي فتق لسانه بالبيان.

وكان علي العبداني شديد الحب لوطنه، وأبناء وطنه وأمته، وكان عمره الصحفي حين وفاته لم يتجاوز الخمس سنوات بيد أنه كان من الرواد الأوائل لاسيما في مدينة الرياض، ولأنه كان على درجة من العلم والثقافة والحصانة اللغوية والاطلاع الواسع بأحوال السياسة والمجتمع والاقتصاد، وقد ساهم ذكاءه الوقاد وطلبه للعلم واهتمامه بمتابعة الأخبار العالمية والمحلية منذ أن كان طالباً لا سيما وهو من أوائل من اقتنى المذياع في بلدته البكيرية، وكل هذا -بلا شك- ساهم في شمولية طرحه وتنوع مصادره المعلوماتية ومشاربه الثقافية، كما أنه مارس الصحافة مكتبياً وميدانياً كما كان يكتب المقالات ويعد التقارير والتحقيقات، ولذا فقد كانت مقالاته محط ‏أنظار القراء ومثار إعجابهم، فرغم صغر سنه لكن قلمه كان من الأكثر تأثيراً، والأكثر قراءةً، لا سيما وقد خاض العبداني غمار الصحافة في الرياض مع بداياتها الأولى، فكتب بصدق ونصح للوطن بحب وغيرة.

العبداني كاتباً

كان أول مقال كتبه علي العبداني في اليمامة وهو في الحادية والعشرين من عمره، وكان بعنوان "في محيط التعليم: البيت والمدرسة" في الصفحة الأولى من عددها الثالث عشر يوم 25/4/1375هـ، ومنذ العدد رقم 23 أصبح كاتبًا لزاوية ثابتة اسمها:"صوت الجمهور"، وفي العدد 93 أصبح اسم الزاوية"في الصميم"، وكانت الغالبية المطلقة من مقالاته مختصة بالشؤون الداخلية وحاجات المواطنين وهمومهم وشؤونهم ومشاكلهم الاجتماعية والمعيشية، لا سيما وأن البلاد آنذاك كانت في مرحلة التشييد والبناء وتوزيع الخدمات والمرافق، والعمل على توفير المشافي والمدارس والمعاهد ودور التعليم الخاصة بمحو الأمية، كما كان العبداني يكتب في شؤون السياسة والأخبار العالمية، كما كتب سلسلة قصصية بعنوان: "قال الشيخ لتلميذه"، وأحياناً يكتب رسالة البكيرية ضمن الزاوية الخاصة برسائل المدن والأقاليم.

مرآة للمجتمع

تميزت مقالات العبداني بصدق اللهجة والجرأة والبحث المستمر عن حلول لمشكلات يعيشها المجتمع آنذاك، ومطالبة للمسؤولين بتأدية واجبهم، ولذا فقد سخّر قلمه لخدمة المجتمع والدفاع عن قضاياه اليومية، كما حارب الفساد الإداري، وجشع التجار، كما طالب بإصلاحات في التعليم والصحة وأمانات المدن وإصلاح وتعبيد الطرق ودعم شبكة المواصلات وسكة الحديد والمطار، وكان مرآة صادقة لواقع المجتمع، لا سيما وهو ينقل عبر قلمه هموم عامة الناس، لإيصالها للجهات المعنية ذات الاختصاص، وقد واجه في سبيل ذلك المتاعب، كما يتضح ذلك من المقالات التي كُتبت في تأبينه.

وذكر الشيخ محمد بن دخيل أن العبداني ‏كان يكتب أحياناً بأسماء مستعارة وكانت بالفعل هناك أسماء مستعارة في جريدة اليمامة، مثل ابن الفلاح، والأصمعي، والجاحظ، ومواطن، وعربي، وقد يكون واحد من هذه الأسماء -أو أكثر- عائد لقلم العبداني، كما كان يكتب مقالات بحرفي اسمه واسم عائلته ع.ع.

رحلته الأخيرة

كان العبداني بالإضافة إلى عمله مديرًا لمطابع الرياض، أحد محرري جريدة اليمامة، وكتابها الدائمين، وكان يتولى أحيانا رئاسة تحريرها في حال غياب مؤسسها ورئيس التحرير الشيخ حمد الجاسر، وذات مرة كان الشيخ الجاسر في سفر وأسند إلى العبداني رئاسة التحرير لحين قدومه، فاستدعته المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر في جدة لشأن يتعلق باليمامة، فذهب وقابل من استدعاه، ومكث في جدة أسبوعاً، ثم عاد إلى الرياض، وكتب آخر ما نشر له في اليمامة بعنوان "أسبوع في جدة".

لكنه لم يلبث سوى يومين، ليستدعي مرة أخرى إلى جدة، فذهب مرة أخرى بالطائرة يوم 14 ربيع الأول 1379هـ، وحين انتهى من المهمة التي هو بصددها تفرغ كعادته لجولةٍ صحفية للوقوف على بعض الخدمات والمطالب الناس، بيد أنه وهو في إحدى هذه التغطيات تعرض لحادث مروري وهو عائد من المدينة المنورة إلى جدة قرب ذهبان، وذلك ليلة الخميس 21 ربيع الأول 1379هـ، وذكرت جريدة البلاد أنه توفي في المستشفى العام بباب شريف حيث نقل إليه بعد الحادث، وجاء خبر وفاته صاعقةً مؤلمةً ومبكيةً لكل من عرفه، وقد اهتمت صحيفة البلاد بتتبع خبر وفاته -رحمه الله- سيما وأن المسعفين وحتى المسؤولين في المستشفى لم يستطيعوا التوصل لمعرفة هوية المتوفى، حيث نشرت جريدة البلاد الخبر يوم وفاته وبعد الحادث بساعات، ويبدو أنهم كانوا يظنونه شخصًا آخر، حيث جاء في نهاية الخبر، "وقد عثر في جيب الشخص المتوفى، تذكرة طائرة مقطوعة من الرياض لجدة، بتاريخ 14/3 باسم علي العبدلي"، وليس العبداني، إلا أنهم في اليوم التالي عرفوا حقيقة الأمر، ونشر تحقيق صحفي مطول عن العبداني، مرفق بصورته وتفاصيل وافية عن الحادث، ومقال من السيد عبداللطيف المي، ذكر فيه أنه رآه في المستشفى عقب الحادث ولم يعرفه لأن الدماء كانت تغطي وجهه.

كيفية وقع الحادث

أعلنت الإذاعة السعودية خبر وفاته، ونعته إلى المستمعين، وكذلك جريدة أم القرى وظلت الصحف لعدة أسابيع تنشر التعازي والمقالات والقصائد في تأبين ورثاءالراحل، وتحدثت الصحف عن الحادثة، وذكرت أن السائق ويدعى علي اليماني كان يقود السيارة بسرعه 120 كيلو، ووقع الحادث بانقلاب السيارة ثلاث مرات وتهشمت كاملة، وتوفي السائق مباشرة عقب الحادث، فيما لم يتم التعرف على شخصية الراكب علي العبداني، وتم دفنه بعدما أخذت الشرطة صورة له، حتى قرأ الشيخ سليمان الراجحي، رجل الأعمال المعروف، تفاصيل الحادث من جريدة البلاد، وتشابه الاسم المعلن "العبدلي" مع اسم الراحل، فاتصل بمركز الشرطة واطلع على جواز سفره وأشيائه الخاصة وبها الاسم الصحيح، وتم التعرف عليه، والتأكد أن المتوفى في الحادث، هو الصحفي علي العبداني، الذي ترك عند وفاته والدته التي تقيم معه في الرياض، وزوجته وأولاده المقيمين في البكيرية، وقد أمر الملك سعود بن عبدالعزيز رحمه الله، بتخصيص راتب شهري لوالدة العبداني، وزوجته وأطفاله، بنفس راتبه عند الوفاة، وظل يصرف حتى عام 1384هـ.

زوجته وأولاده

تزوج العبداني صغيراً وهو في السابعة عشرة من عمره، من أم محمد، نورة بنت عبدالعزيز بن محمد الحديثي، عام 1370هـ، ورزق منها بمحمد وعبدالله ورقية، وكان محمد حين وفاة والده في السادسة من عمره، أما عبدالله فدون الرابعة، ورقية كانت رضيعة في أسابيعها الأولى، وربتهم أمهم تربية فاضلة فتبوؤا مناصب قيادية وريادية في عدة مواقع بعد أن سلكوا في دروب العلم وواصلوا تعليمهم العالي داخل وخارج المملكة.

فقيد الصحافة

عقب سماعهم لخبر وفاة علي العبداني، عبر كثير من الكتاب والشخصيات العامة ورجال الأعمال والتجار والوجهاء، عن حزنهم لوفاة هذا الصحفي الشاب، الذي وصف بالنشاط والعمل الدؤوب في ميدان مهنة المتاعب، لاسيما وأنه كان مؤمناً بسمو رسالته وعمله الإعلامي، وقد كتبت حينذاك عنه جريدة البلاد تقريراً عن الفقيد، وصفته فيه بحسن الخلق ودماثه الطباع والإخلاص في العمل وخدمة الوطن، ولم تكن صحيفة البلاد لتسمع لما يكتب عنه بل إن القائمين عليها كانوا يعرفون العبداني جيداً فقد كان أحد كوادر أول صحيفة سعودية "البلاد" وكان مراسلها في العاصمة الرياض، ولذا فقد كانت شهادة كُتاب ومحررو صحيفة البلاد، عن معرفة تامة بما يتحلى به زميلهم الفقد، كما نعته جريدة اليمامة، ووصفته بأوصاف مماثلة، خاصة أنه مات بعيداً عن الأهل والولد أثناء أداء رسالته الإعلامية وبالمثل نعاه عمال وموظفو مطابع الرياض، وظلت الصحف تنشر المقالات في تأبينه، والقصائد في رثائه، واستمرت التعازي عدة أسابيع، ‏في العديد من الصحف السعودية التي نعتته بـ "فقيد الصحافة"، وإن جاز لنا أن نقول: إنه أول صحفي -وفق ما توفر لدينا من معلومات- يتوفى خلال أدائه لمهمته الصحفية.

الأحباب يعزون

كان من أبرز من نعى العبداني، ‏الأديب الراحل عبدالله بن خميس الذي قال عنه: "بالأمس كان بيننا ملء السمع ‏والبصر، قد امتلأ نشاطاً، ونضر شباباً، وتدفق حيوية، واليوم رهين الرمس وبعيد ‏الدار، ونائي المزار" وامتدحه ‏الشيخ عبدالمحسن التويجري بقوله: إن العبداني خالد بدفاعه عن رأيه، وبروحه الحية ‏وطموحه الوثاب، وبكلماته الاجتماعية وآثاره الأدبية في ميدان الصحافة الحرة ‏النزيهة، وبصدقه وإخلاصه، وتضحيته وتفانيه في أداء الواجب، و‏بتقديمه للمصلحة العامة على ما سواها، وعصاميته، وبكفاحه رحمه الله رحمة واسعة.

مقال تأبيني في الفقيد للكاتب عثمان شوقي
الملك سعود رحمه الله شمل الفقيد برعايته واهتمامه
كان الفقيد صاحب رسالة حريصاً على نقل هموم الناس بقلمه
قراء اليمامة يعزون في فقيد الصحافة


from جريدة الرياض >http://ift.tt/2xZ4Pzo
via IFTTT

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هاشم النعمي.. المؤرخ والقاضي والأديب

"هيئة الإحصاء": ارتفاع الصادراتِ السلعيَّة للمملكة خلال شهر فبراير 2022م بنسبة 64.7%