حان الوقت لإنهاء العصابة الحوثية
آن أوان التوحد، والتعالي فوق الجراح والمناكفات السياسية، لمواجهة الطغيان الحوثي، وإنقاذ اليمن من مصير حالك، تحيكه لها جمهورية الملالي في إيران، عبر ميليشيا عميلة، وصولاً لتحويل اليمن إلى قاعدة متقدمة للطموحات الفارسية، تجاه المملكة العربية السعودية ومجلس التعاون، هذا ما خلصت إليه ندوة أقامتها "الرياض" حول تطورات الوضع اليمني، في أعقاب انفضاض التحالف بين حزب المؤتمر الشعبي العام وميليشيا الحوثي، وما تلى ذلك من اغتيال المتمردين للرئيس السابق علي عبدالله صالح، وتداعيات هذا الاغتيال على صيغة التحالفات الحالية في اليمن، واستعجل المشاركون في الندوة ترتيب البيت اليمني، والتحام المؤتمر بالحكومة الشرعية لمواجهة الحركة الحوثية، في ظل رفض الانقلابيين لكل محاولات الحل السياسي المتعددة التي طرحت في السنوات الماضية، كما خلصت الندوة إلى أن ما يحدث في اليمن هو صراع أربعة مشروعات، مشروع الدولة الاتحادية، ومشروع الانقلاب، والمشروع الانفصالي، ومشروع التطرف والإرهاب، وأن اغتيال صالح يمثل لحظة فاصلة لاختيار طريق الدولة الاتحادية بما يمثله من بناء لمستقبل مستقر ونهاية لمرحلة الفوضى والخراب التي ضربت هذا القطر العزيز.
شارك في الندوة الأستاذ عمر مجلي مدير مكتب رئيس الوزراء اليمني أحمد بن دغر، والأستاذ نجيب غلاب - وكيل وزارة الإعلام اليمني، والدكتور حمدان الشهري الباحث في العلاقات الدولية والمحلل السياسي، والدكتور عبده سعيد المغلس وكيل وزارة الإعلام اليمني.
مقتل صالح فرصة لتوحد اليمنيين ضد المشروع الإيراني
تحالف غير طبيعي
في البداية أكد الأستاذ نجيب غلاب أن التحالف بين الحوثي والمؤتمر الشعبي العام، لا يعكس طبيعة المؤتمر الشعبي، لا على مستوى العقائد السياسية ولا على مستوى المصالح، ولا على مستوى الرؤية المستقبلية لليمن، ولا على مستوى فهم "المؤتمر" للعلاقة مع المليشيات، لذلك كثير من الأطراف سموه تحالف الضرورة، وذكر أن أحداث ما يسمى بالربيع العربي، ربما كان لها دور كبير في الوصول لهذا الواقع، إذ إن الصراع الذي حصل قاد إلى حالة من الانقسام والشتات، بين الأطراف اليمنية، وكان المؤتمر الشعبي العام هو أقوى الأحزاب وهو الحزب الحاكم، وكان عدد نوابه في مجلس النواب يصل إلى 75 % من عدد النواب أو أكثر، وكانت أغلب قوى المعارضة لديها رغبة في إحداث التغيير، نتيجة الجمود الذي حصل بسبب طول فترة حكم علي عبدالله صالح، لذا ركزت هذه الانتفاضة على رحيل صالح من السلطة، وتم إخراجه عبر المبادرة الخليجية، وكان حزب الإصلاح هو الحزب الأقوى في الشراكة الجديدة التي أسست لها المبادرة الخليجية. وتابع الأستاذ نجيب "الحوثيون كانوا متربصين منذ بداية انتفاضة 2011، موجودين داخل هذا الانتفاضة، وكانوا شركاء أساسيين داخلها، لكنهم لم يلتزموا بالمبادرة الخليجية ورفضوها منذ البداية، اجتمع كل اليمنيين في الحوار الوطني واتفقوا على مخرجاته، لكن الإشكالية وهذه ربما يعاني منها أبناء اليمن كثيراً، دائماً ما يتفقون على الوثائق ثم لا يلتزمون بتنفيذها، يتمسك بها طرف ويرفضها طرف آخر، يبدو لي أن جماعة صالح وليس حزب المؤتمر كان لديهم اعتراضات على هذه الوثيقة، رغم أنهم وقعوا عليها، لكن من ناحية واقعية وعملية كانوا رافضين لها، وظهر اعتراضهم بشكل واضح بعدما ظهر مشروع الدستور الذي استقى معظم بنوده من مخرجات الحوار الوطني، والحركة الحوثية لم تكن موافقة أيضاً على مخرجات الحوار ولا على مشروع الدستور، ولديها مشروعها الخاص، وهي حركة مليشياوية أعدت نفسها إعداداً كاملاً، واستعدت بشكل جيد وبنت تحالفات وعلاقات، وسوقت نفسها لدى القوى السياسية ولدى الشارع اليمني وهذه حقيقة لا يمكن أن نهرب منها، رغم أن هناك أطرافاً كثيرة في اليمن، لكنهم على مستوى أشخاص وليس تكوينات أو أحزاب ترفض الحركة الحوثية رفضاً كاملاً، وتعتبرها مليشيا، وكانت ترفض دخولها الحوار إلا بعد نزع أسلحتها، لكن الحركة الحوثية لم تنزع أسلحتها بل قامت ببناء مليشيات ومعسكرات داخل صنعاء، وأول محافظة خرجت من سلطة صالح كانت هي محافظة صعدة، وكل الأطراف اليمنية احتفلت بهذا اليوم باعتباره عملاً ثورياً، وكان هذا خطأ كبيراً، مكن الحوثيين من السيطرة على قاعدة كاملة، ومكنها من أن تتحرك وتعد نفسها بشكل جيد، وأن تراكم سلاحها، وأن تسيطر على بعض المعسكرات التي كانت في صعدة، هذه الأوضاع كلها قادت إلى تقوية هذه المليشيا. ويستطرد وكيل وزارة الإعلام اليمنية: "اعتمدنا كثيراً في تصوير العلاقة بين حزب المؤتمر والحركة الحوثية باعتبار أن الحوثيين هم أداة بيد صالح، وتم تعميم هذا التصور إعلامياً، وهذا كان خطأ آخر، مثل غطاءً لطبيعة الحركة الحوثية ومشروعها، صالح استغل الحركة الحوثية بشكل أو بآخر، لكن اليوم صالح بات خارج المشهد، واليوم لم يعد هناك مجال للعناد، وتبادل الاتهامات، ليس هناك طرف من أطراف الحركة الوطنية لم يخطئ في مسألة التعامل مع الحركة الحوثية، ويسهم بشكل ما في تغلغلها وتنفذها ومن ثم انقلابها الكامل على البلاد، صالح ومحازبوه اعترفوا بالتحالف مع الحوثيين لأنهم كانوا يروه تحالف ضرورة، وكانت أطراف في الشرعية ترى أن الحركة الحوثية ليست إلا ذراعاً من أذرع صالح، وهو من يوظفها، وهو من سلم لها الدولة والجيش والمال، وحتى في اللحظات الأولى لانفضاض التحالف بين صالح والحوثي، كان الجناح الذي تحركه قطر، يروج لما يحدث في صنعاء بأنه مسرحية لصالح علي عبدالله صالح، حتى يتم إنتاجه مرة أخرى، وهذا تكرار للأخطاء السابقة بعدم معرفة طبيعة الصراع، وما الذي يجري، ومن هي القوة التي تسيطر على الحوثي".
البيان الانقلابي الأول
وأضاف الأستاذ نجيب "كنا حذرنا مبكراً في 2014 من مسألة التحالف مع الحوثي أو حتى السكوت على مشروع هذه الحركة، لكن عندما وصلت الحركة الحوثية إلى صنعاء كل الأطراف اليمنية اجتمعت معها، ووقعوا وثيقة السلم والشراكة، بإشراف الأمم المتحدة وموافقة الدول الراعية، هذه الوثيقة لم تكن إلا البيان الانقلابي الأول، أو لنقل الغطاء الذي تم تحته تمرير انقلاب الحركة الحوثية على الجميع، وبالتالي أصبح الجميع رهينة تحت سلطة السلاح لدى هذه المليشيا بما في ذلك رئيس الدولة والحكومة والأحزاب، وتمكنت الحوثية منذ دخولها صنعاء من السيطرة على كافة مؤسسات الدولة، وعلى المعسكرات وعلى الأجهزة الأمنية، واللجان الشعبية أصبحت هي الحاكمة لصنعاء، وبالتالي لا يمكن لأي طرف داخل صنعاء أن يتخذ قراراً دون موافقة الحوثيين، ورغم ذلك استمرت عملية تشكيل الحكومة، واستمر التعامل مع هذا الحركة رغم أنها فرضت سلطتها بالسلاح وأصبح لديها سلطة مليشياوية كاملة مهيمنة، لم يحدث التحول إلا بعد أن تقدم رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي باستقالته، بسبب سعي الحركة الحوثية لفرض سيطرة كاملة على جميع مراكز صناعة القرار، هذه الاستقالة كانت تتجه إلى إحدى نتيجتين، إما أن ينتصر صالح، أو تنتصر مليشيا الحوثي، كان المفروض أن تقدم الاستقالة لمجلس النواب، وإذا وافق عليها المجلس، فإن رئيس مجلس النواب وهو حليف أساسي وأحد قيادات حزب المؤتمر، كان سيكون هو الرئيس بدلاً عن هادي، وهنا كان صالح سيكون هو القوة الجديدة داخل السلطة عبر هذا الانقلاب، ما حدث أن الحركة الحوثية كانت أكثر استعداداً من صالح، فأغلقت مجلس النواب، واجتمعت وأعلنت الإعلان الدستوري، الذي انبثق عنه لجنة ثورية، والبعض يعتقد أن اليمن ليس فيه مؤسسات لكن في الحقيقة كان هناك مؤسسات عسكرية وأمنية، وكان هناك مؤسسات مدنية، لكنها وجدت بعد الانقلاب أن السلطة كلها انتقلت إلى اللجنة الثورية واللجنة الأمنية والعسكرية، في هذا اللحظة أمسكت الحركة الحوثية بقوة بزمام القرار في اليمن، وشرعنتها من خلال الإعلان الدستوري، هذا الإعلان تم رفضه من جميع الأطراف اليمنية باستثناء الشبكات الحوثية وتحالفاتها، وحزب المؤتمر رفض الإعلان الدستوري وتعامل معه بوصفه بياناً انقلابياً، وكان هذا الرفض عبر إعلان واضح وتصريح من الرئيس السابق علي عبدالله صالح، لكن الجميع تعامل مع الإعلان الدستوري باعتباره لعبة، أو مسرحية يؤديها حزب المؤتمر، لكن الحقيقة أن الحركة الحوثية كانت في هذه الأثناء قد أصبحت قوة مهيمنة، ولم تعد بقية الأطراف بما فيها حزب المؤتمر تملك القرار"، ويرى الأستاذ نجيب أن الحركة الحوثية اختارت التحالف مع حزب المؤتمر لأنه أقوى تيار سياسي في البلاد، ولو اكتسبت عداءه فستواجه مأزقاً لتغلغل المؤتمر في الأجهزة الأمنية والعسكرية، واتساع وقوة قاعدته الاجتماعية، لذا لا يوجد غطاء سياسياً يمكن أن يساعد الحوثيين مثل حزب المؤتمر، وبالتالي سعى الحوثيون لاحتواء المؤتمر وعدم الدخول معه في عداء، رغم التناقض الجذري بين الطرفين، على مستوى العقيدة السياسية وعلى مستوى المصالح، وساعدت حالة الانقسام التي شهدتها البلاد والأخطاء التي ارتكبت إلى تغلغل وتقدم الحركة الحوثية، وكان الانقلاب بمثابة إعلان نهاية النظام الذي كان سائداً منذ عام 1962 أي النظام الجمهوري، وأصبح تهديداً للوحدة، ولمخرجات الحوار الوطني، كما كان هذا الانقلاب نفياً واقصاء لجميع اليمنيين، والأخطر من ذلك بحسب وكيل وزارة الإعلام اليمني أن هذا الانقلاب مثل تسليماً لليمن بالكامل لإيران، ولذلك قامت عاصفة الحزم.
وحول سؤال الندوة عن سبب قتل مليشيا الحوثي صالح، يقول الأستاذ نجيب: "إنني حذرت صالح في رسالة معلنة من أن الحوثيين سيغتالونه، بعد أن يستخدموه كوسيلة لاستكمال هيمنتهم، ودعوته لإنهاء تحالفه معهم والثورة عليهم، هذا التحذير كان في 2014، وأعدت التذكير به يوم مقتل الرئيس السابق، كما حذرنا قيادات المؤتمر من مصير مشابه وقلنا لهم إن الحوثيين سيعلقون لكم المشانق لأنكم تمثلون لهم منافساً حقيقياً، وهم لديهم مشروع واضح يصرون على إتمامه، هذه المعضلة التي دخل فيها اليمن بسبب الحوثي تدفعنا لمراجعة ما جرى بكل صراحة، ووضع كل الأوراق على الطاولة، دون تعبئة سياسية، أو صراع على القوة، مع تناسي الماضي وحساباته، بهذا الشكل ممكن أن ننتصر، بدون ذلك ستستمر المأساة وتتعاظم قوة المتمردين، وستتشتت القوة الوطنية، ويبدو لي أن هناك مخططاً لتفكيك المؤتمر الشعبي العام، لذا فالحوثي يسعى بعد اغتيال صالح إلى اغتيال حزبه، لذا نناشد التحالف العربي السعي للحفاظ على حزب المؤتمر ليس كطرف مهيمن بل كشريك وككتلة موحدة، أما لماذا اغتالت مليشيا الحوثي صالح، فكما نعلم أن صالح كانت له مواقف عربية واضحة، ولم يكن يوماً مع ايران، ويبدو أن صالح وجد أنه بات مستعداً لمواجهة هذه الحركة الإيرانية، ومستعداً لتقديم حياته ثمناً لهذه المواجهة، وأعتقد أن صالح كان يتوقع بنسبة كبيرة مقتله، لذا قلت إن صالح اختار نهايته وبالطريقة التي أرادها، واتخذ موقفاً واضحاً، بالوقوف مع العروبة بشكل كامل وضد المشروع الكهنوتي الحوثي، وإعلان ثورة شاملة دعا فيها حزب المؤتمر للالتحام ببقية الأطراف اليمنية لمواجهة هذه الحركة المتمردة، وإنهاء سلطة الأمر الواقع الحوثية بشكل حاسم".
صراع مشروعات
من جانبه قال الدكتور عبده سعيد المغلس: "قيل إذا أردت أن تفهم قضية ما فافهم تاريخها، مسألة الصراع في اليمن يجب أن تشخص بدقة، وتشخيص المشكلة جزء أساسي من حلها، ما يحدث في اليمن هو صراعة أربعة مشروعات، مشروع الدولة الاتحادية بما تمثله من مشروع بناء المستقبل، ومشروع الانقلاب بما يمثله من فكرة الإمامة المرتبطة بالمشروع الصفوي وولاية الفقيه في المنطقة، والمشروع الانفصالي وما يمثله من تفكيك للدولة، ورابعها هو مشروع التطرف والإرهاب".
ويضيف د. عبده "نحن اليوم لسنا بصدد محاكمة أو تبرئة أي طرف، نحن بحاجة لدراسة الوضع للخروج مما نعانيه، فهذه المشروعات تتصارع في الساحة اليمنية، وما نواجهه في مشروع الانقلاب في صنعاء هو مشروع صفوي إيراني يدعو إلى الإمامة الحوثية، والحوثيون ما هم إلا مليشيا إيرانية بدأ العمل على تأسيسها منذ وصول الخميني إلى المنطقة، هذا المشروع يخدم مسألة التفتيت والصراع الطائفي والمذهبي، المنطقة لم تشهد صراعاً طائفياً ومذهبياً قبل وصول الخميني للسلطة في إيران، بالإضافة إلى دور قطر في دعم التطرف، وهدف المشروع الإيراني إلى تحويل اليمن إلى قاعدة لمشروعها للتمدد إلى دول الجوار والسيطرة على طرق نقل الطاقة في العالم، الحوثيون ما هم إلا مليشيا إيرانية تدعو إلى الإمامة بشكل مختلف يخدم ولاية الفقيه، وهم لا يؤمنون بالآخرين، وعندما تقرأ ما كتبوه في مسائلهم العقدية، ترى تكفيرهم لكل من لا يؤمن بنسختهم الخاصة من الإمامة، حملاتهم في صنعاء بعد الانقلاب أكدت على هذا الفكر عندما حملت شعارات "أشداء على الكفار"، أي أنهم الوجه الآخر لمفهوم الإرهاب والتطرف في المنطقة، وجهان لعملة واحدة"، ويؤكد د. عبده أنه فيما يتعلق بمشروع الانفصال في الجنوب، هنالك عدم وضوح في الرؤية، قائلاً: "إخواننا في الجنوب يحملون علم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، ولا يدركون مدلول محتوى هذا العلم، ولا يدركون قانون الجنسية اليمنية في هذه الدولة، الذي يرى كل مواطن من أبوين يمنيين هو أحد أبناء جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وثمة تناقض آخر لغيبة هوية المشروع الانفصالي، يرفعون علم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، ويتحدثون عن اتحاد الجنوب العربي، ولا يدركون ماذا تعني دلالة اتحاد الجنوب العربي، وأي اتحاد يريدون من ضمن ثلاث نسخ تاريخية متباينة لهذا الاتحاد".، وشدد على أن تضارب هذه المشروعات خلق هذا الصراع في اليمن، وفيما يختص بحزب المؤتمر يقول الدكتور عبده أن الحزب وقع في فخ المشروع الصفوي الإيراني، ويرى أن الحركة الحوثية قتلت صالح مرتين، في الأولى قتلوه جسدياً وشوهوه، وفي الثانية حاولوا تشويه سمعته بإظهاره كما لو كان فاراً من صنعاء، لكن صالح في مقتله مثل لحظة تاريخية في مواجهة اليمنيين الحقيقية لهذا المشروع الطائفي، ودفع حياته ثمناً لهذا الموقف، الذي كشف الغطاء السياسي عن مليشيا الحوثي.
بداية المشروع الانقلابي
أكد الأستاذ عمر مجلي أن الحركة الحوثية شوهت صورة اليمن، مشدداً على أنها حركة مجرمة بلا أخلاق أو انتماء عربي ولا إنساني. وتابع، إن الانفتاح نحو الديمقراطية والتعددية كانت بلا ضوابط في اليمن ما وفر بيئة مناسبة لنمو الحركة الحوثية منذ البداية، وعلى الأخص منذ 2011، وقال مدير مكتب رئيس الوزراء اليمني: "الحركة الحوثية مثل البكتيريا إذا وضعت في ظروف مناسبة فإنها تنمو وتنتشر، وللأسف الشديد كان الوسط السياسي والحزبي في اليمن رديئاً جداً، وقادنا إلى الوضع الحالي، وعوضاً عن الالتفات إلى مشروعات التنمية، شقت الحركة الحوثية الصف اليمني، وسعت إلى تحويل اليمن إلى مصدر خطر وعداء لأشقائه من دول الجوار". وتابع: "الأمر الآخر وبما أني من محافظة صعدة وعايشت الأوضاع منذ بدايتها، الحركة الحوثية بدأت في صعدة من خلال إقامة منتديات تحولت إلى عمل مسلح، وكان حسين الحوثي يحث أتباعه على شراء السلاح فكان ينصحهم مثلاً بتوفير نصف مبلغ مؤونة البيت لشراء الذخيرة، استعداداً لما زعم أنه اعتداء منتظر عليهم، أول من أطلق رصاصة قاتلة في الحرب بين الدولة والمليشيا هم الحوثيون في نقطة أمنية شمال صعدة، حيث قتلوا ثمانية جنود، بعدها اندلعت الحرب". ويشدد الأستاذ عمر على أنه لمعرفة أسباب الحرب الأساسية، علينا العودة إلى الوراء حيث شهدت منطقة مران -وعدد سكانها 12 ألف نسمة وتابعة لمديرية حيدان- بداية المشروع الحوثي لإفراغ وجود الدولة تماماً في هذه المنطقة وإعاقة أي نشاط حكومي، حيث منعوا تحصيل الإيرادات للدولة، وأنزلوا العلم الجمهوري، وطردوا كل من يمثل الحكومة، ثم جمعوا الأتباع في المساجد لإقامة الطقوس الطائفية، ويضيف "ذات يوم مر علي عبدالله صالح، في صعدة وسمع الصرخات فسأل المحافظ عنها، وهنا بدأت الدولة تتنبه للمشروع الحوثي ولو متأخراً، في بداية التسعينيات كان السفير الإيراني أو القنصل يذهبان إلى مران، فتم إبلاغ السلطات في حينه، أنا كنت في حينها مدير عام الصحة في محافظة صنعاء، كان المركز الصحي في منطقة خميس مران يدار من المستشفى الإيراني في صنعاء بالكوادر والدواء، وذلك في منتصف التسعينيات، ومن ثم قمنا بإغلاق المستشفى الإيراني، بعدما تأكد لنا قيام المستشفى بأنشطة سياسية"، ويستطرد: " لقد فرض الحوثيون على اليمنيين واقعاً يدفعهم للتوحد والتعالي فوق الجراح، التي استنزفت بلدهم، حيث أدى التركيز على المكايدات السياسية والحزبية على القضية الأهم وهي مستقبل اليمن، الحوثيون سيواجهون الكل الآن، وكنا حذرنا منذ وقت مبكر إبان سفر شباب من صعدة إلى لبنان وإيران للتدرب على الأسلحة وعلى التفجيرات، وأيضًا على النشاط الإعلامي، والحركة الحوثية حركة إجرامية تحارب بلا قيم ولا أخلاق، ومستعدون في سبيل القضاء على خصومهم لارتكاب أبشع الجرائم دون أي رادع إنساني"، وأكد مدير مكتب رئيس الوزراء اليمني أن الوضع الميداني الآن في اليمن عملياً في صالح الشرعية، و70 بالمئة من أراضي اليمن تحت سيطرة الشرعية، وهناك تقدم كبير في جبهة تهامة، وتابع "نتوقع أن يكون هناك تقدم في كل الجبهات وتحقيق انتصارات كبيرة في المرحلة المقبلة، خاصة إذا نجح اليمنيون في لم الشمل وتوحيد الصف بين المؤتمر والقيادات الأخرى المؤثرة في الميدان، لأن كل من كان مع الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، متوقع اصطفافهم ضد الحوثيين، واليمن واجه الحوثيين في ست حروب ولم يستطيعوا دخول صنعاء، لكن عندما دب الخلاف داخل صنعاء، تمكن الحوثيون من دخول عمران في شهر ونصف، ودخول صنعاء في أسبوعين، وعلمنا أن الحوثيين كانوا يجمعون السلاح في بيوت بصنعاء، وفيما كان السياسيون يتصارعون في ساحات العاصمة، كان المتمردون يعدون لدخول صنعاء".
ويشدد عمر مجلي "لقد كنا في محافظة صعدة متأذين بشكل مباشر من هذه الحركة الحوثية، وكنا نجأر بالشكوى منذ وقت مبكر، وتحركنا على مستوى مواقع الإنترنت، واتصلنا بكل الجهات السياسية الداخلية والدولية للتحذير منهم، حيث اتصلنا بسفراء وبكوادر حزبية بل ووصلنا إلى رئاسة الدولة، وإلى صالح بنفسه لإيصال تحذيرنا من أن هذه الحركة لن ينجو منها أحد، وهذا ما حصل فعلاً".
أنقذوا وطنكم
قال د. حمدان الشهري: إن أهمية اليمن عكسها تصريح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عندما قال -حفظه الله- إن مشكلة الإيرانيين أنهم وصلوا إلى اليمن عمق العرب ولن نسمح بذلك، وأكد سموه وقوف المملكة مع اليمن حتى نهاية المطاف.
وتابع د. الشهري "علي عبدالله صالح -رحمه الله- عندما قرر أن يلتحق بالقطار الصحيح، ودعنا نسميه قطار الحرمين بدلاً عن قطار الفرس، الأستاذ عمر ذكر أن صالح قتل نفسه، لكن اسمحوا لي أن أقول إنه ليس صالح لوحده قتل نفسه بل الشعب اليمني أيضاً فعل ذلك، نعم كان لدي اليمنيين مشكلة مع الفساد، لكن مشكلتهم الأكبر كانت مع الإرهاب، لماذا لا تكون ثورتهم على الإرهاب قبل الفساد، صالح تعرض لعملية اغتيال نتيجة دوره الأخير، واليوم على الشعب اليمني أن يقوم بدوره ويقدم تضحيات فداءً لوطنه وتصحيحاً للأخطاء السابقة، فيثور على الحوثي، يؤسفني ويؤلمني أن نرى قبائل يمنية بالملايين ولا أثر لها كأنها ليست موجودة، والسبب وراء ذلك أن القبائل اليمنية هي عدة دول في دولة واحدة، فكل قبيلة تتوقع نفسها هي الدولة، فبالتالي لا ترى حاجة للتدخل في الصراع طالما لم يمسها بشكل مباشر، بينما الحركة الحوثية تتبع أيديولوجيا تجمعها أكبر من فكرة القبيلة، مشكلة اليمن اليوم ليست جنوب وشمال، المشكلة أكبر من اليمن، إنها مشكلة مواجهة بين العرب والفرس، اليمن كان دولة هشة، لذا كانت الثورة خطيرة، وكان الأولى انتهاج عملية الإصلاح الهادئ، الثورات لا تصلح لدول العالم الثالث، التي تفتقد للانسجام والتواؤم الاجتماعي، والتراكم المعرفي".
ويضيف د. حمدان الشهري "اليوم نريد عودة اليمن وإعادة بناء الدولة، ونحن مع اليمنيين لكن على اليمنيين أنفسهم أن يهبوا لإنقاذ بلدهم، والقبائل مدعوة للتدخل لحماية وطنها ودينها وعروبتها، وإذا لم يحدث ذلك فالنتائج ستكون خطيرة".
وأكد د. الشهري أن الحوثيين ليسوا إلا حفنة صعاليك وأداة بيد إيران، وبدورها هناك قوى أخرى غربية وشرقية تحرك إيران وتدعمها في مشروعها الإقليمي، ولولا هذا الدعم ما استطاعت إيران الصمود واستخدام كل هذه الأدوات في المنطقة، وتابع "معركتنا كبيرة وليست مع إيران وحدها، بل مع منظمات مثل هيومان رايتس والأمم المتحدة التي تغطي على الجرائم الحوثية، وأخشى الآن أن ينتهز الحوثيون الفراغ الجاري في صنعاء بادعاء مواجهة داعش والإرهاب، مع العلم أن الإرهاب صنيعة إيران في الأساس لاستخدامه كذريعة لتغول وكلائها وتنفيذ مشروعاتهم تحت ستار مواجهة الإرهاب، لذا أقول علينا أن لا نعول على المنظمات الدولية، بل علينا العمل على الأرض والتخطيط واستلام المبادرة".
وأكد نجيب غلاب أنه عندما وصلت الحوثية إلى عدن، كان للمملكة العربية السعودية موقف، إذ دعت للحوار بين الأطراف اليمنية، لكن الحركة رفضت، واستخدمت السلاح وضربت القصر الجمهوري في عدن، وبعد عاصفة الحزم دعت المملكة كل الأطراف اليمنية بما فيها الحركة الحوثية وعلي عبدالله صالح للحضور إلى الرياض، للتوصل إلى حل سياسي، وما يجمع عليه اليمنيون سيتم تنفيذه، وبالتالي إنهاء الحرب، لكن الحركة الحوثية رفضت تماماً، ثم وضعت الأمم المتحدة مشروعات كثيرة في جنيف 1 وجنيف 2، ثم جرى حوار في الكويت لثلاثة أشهر، ووضعت مبادرات وحلولاً عدة، بما في ذلك مبادرة جون كيري الأخيرة التي تضمنت تجميد سلطات الرئيس هادي وحتى إمكانية خروجه، وأيضاً رفضت الحركة الحوثية كل هذه الحلول، كما تقدم صالح بمبادرات للحل وهو كان شريكاً للانقلاب وكان مصيرها الرفض أيضاً، ثم قامت باغتيال صالح والسعي لتصفية المؤتمر الشعبي الذي كان يمثل غطاءً سياسياً لها، ويستطرد الأستاذ نجيب غلاب "فهل بعد ذلك نقول إنه ما زال هناك فرصة للحل السياسي، الحوثيون فتحت لهم كل الأبواب وهم من أغلقوها، وجعلوا الحرب الخيار الوحيد، ونحن عندما نحارب اليوم ونقول إن الحل العسكري هو الحل الوحيد، فلأنه هو الحل الجبري الذي دفعتنا إليه الحركة الحوثية، ولا يمكن أن تنتهى هذه الحركة إلا بهذه الطريقة، هذه هي اللغة الوحيدة التي ستقود إلى نهاية الحوثي، وأنا أقول إن هذه المواجهة يجب أن تفضي إلى إنهاء حركة التمرد وتفكيك مليشياتها وتجريم الحوثية ككهنوت سياسي، ومحاكمة قياداتها باعتبارهم خلية إيرانية في اليمن"، واعتبر نجيب أنه بغير هذا السيناريو اليمن سيتفكك ويقع تحت هيمنة الحوثيين، وبالتالي تحقيق المخطط الإيراني بجعل اليمن قاعدة متقدمة لمحاربة المملكة، ودول التعاون، وأكد أنه لا يوجد ظرف أفضل من الظرف الحالي، حيث تعيش الحركة الحوثية حالة ضعف، وهناك غضب شعبي واسع، وهناك اليوم حالة إجماع نادرة في اليمن، على النظام الجمهوري، ولن يسمحوا بإقامة ولاية إمامية تابعة لإيران، وتحويل اليمن إلى معسكر إيراني يديره مجموعة من اللصوص، لذا اليمنيون سيحاربون اليوم حتى لو تخلى عنهم العالم بأجمعه، ولن تحكم الحوثية اليمن، أما أطروحات الأمم المتحدة لم تعد مجدية، فكل ما فعلته أنها شرعنت الانقلابيين.
وتدخل د. حمدان قائلاً: "يوجد في اليمن الآن حالة غضب وثورة ضد الحوثيين وتحتاج فقط لقيادة، لذا أرى أن عودة أحمد علي عبدالله صالح مهمة الآن ليأخذ بثأر أبيه، وتشجيع اليمنيين على مواجهة المليشيا المسلحة، والمجتمع اليمني جاهز للقتال".
أربعة مرتكزات لإنقاذ اليمن
وتحدث الدكتور عبده المغلس عن تقدم الجبهات، مؤكداً أن الشرعية في البداية لم تكن تمتلك جيشاً، وذلك لانضواء معظم الجيش اليمني تحت جبهة الحوثيين وصالح، وكانت قوة الشرعية عبارة عن قوات المقاومة الشعبية، لذا استغرق تحويلها إلى عناصر عسكرية مدربة فترة طويلة، بالإضافة إلى وعورة تضاريس اليمن، والرئيس هادي عندما تسلم العلم قال :"لقد تسلمت علماً ولم أتسلم دولة"، وبالنسبة لتساؤل الدكتور حمدان حول عدم مقاتلة اليمنيين قال د. عبده " اليمنيون قاتلوا، لدينا تجربة صعدة التي -خلال ست حروب- لم يستطع الحوثيون التقدم منها، كما أشار الأستاذ عمر، أيضاً تجربة دماج لم تستطع الحركة الحوثية بكل ما تمتلكه من سلاح من السيطرة عليها، وفي عدن وقف شبابها وقفة شجاعة وقاوموا مقاومة شرسة وأسقطوا الحوثية، وكذلك صمود تعز لثلاث سنين، ورجالها بأسلحة خفيفة وبدون تدريب صمدوا بشكل يشهد له القاصي والداني، واليوم تهامة تدافع أيضاً، وهي التي لم تحمل السلاح عبر تاريخها، إذاً هنالك حركة متفاعلة ونشطة في اليمن"، وفيما يتعلق بالسيناريوهات، قال د. عبده: "عندنا أربعة مشروعات، كل مشروع ندرك خطورته، مشروع الإمامة الحوثية وارتباطها بولاية الفقيه، وماذا يعني انتصارها في اليمن، ثم ندرك ماذا يعني أيضا انتصار مشروع التطرف والإرهاب وتداعياته، ثم مشروع الانفصال وتقسيم اليمن، ثم مشروع الدولة الاتحادية، وما يمكن أن تقدمه لليمن من استقرار، وحل مشكلة اليمن الأساسية المتمثلة في الصراع على السلطة والثروة، وثقافة القيد والهيمنة، وهذا السيناريو الذي يجب أن نقف معه وندعمه، أما بخصوص مسألة القيادة التي أشار إليها الدكتور حمدان، لدينا قيادة متوفرة بشرعية وطنية وشرعية إقليمية ودولية، ما يتوجب علينا اليوم يتمثل في أربع نقاط أساسية، الشرعية ومتمثلة في فخامة الرئيس منصور عبدربه هادي، ومشروع الدولة الاتحادية بأقاليمها الستة، وتحالف بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة، والتحرير، هذه هي الإستراتيجية التي يجب أن تصب كل الجهود فيها اليوم، ويجب علينا جمع لجان المؤتمر الشعبي العام، وضمها مع القيادة الشرعية، بدلاً من المضي مع المخطط الحوثي الساعي لتفكيك اليمن إلى ثلاثة مكونات، مكون مع الحوثي يخدمه ويشرعن له سلطته المغتصبة، ومكون آخر يبحث له عن قيادة ولا نعلم متى يحدث هذا، ومكون مع الشرعية، وبالتالي علينا أن نركز اليوم على الشرعية والمشروع والتحالف والتحرير لنخرج من هذا النفق المظلم".
انهيـــار حـوثـي وشيــك
-
في سؤال للزميلة تواصيف المقبل حول إمكانية اتحاد قوات صالح مع الشرعية.
-
قال عمر مجلي: إلى الأن ليست الصورة واضحة حول حجم القوات التابعة للمؤتمر ومن انسحب من التحالف مع الحوثي ومن التحق بالشرعية، اليمنيون في صنعاء ما زالوا في حالة صدمة عقب مقتل صالح، وعلى مستوى الوضع الميداني لم يعد الفرز سهلاً بين مواقع الحرس الجمهوري ومواقع الحوثيين حيث اختلطت الأمور، لكن أعتقد أنه في الفترة المقبلة إذا كان هناك ترتيب سليم من القوى المؤتمرية الشريفة، بالانسحاب التدريجي من التحالف مع الحوثي، فستضعف جبهة الحوثي كثيراً، وأتوقع إذا تم الترتيب بشكل جيد فستحرر تعز، ثم آب، وهما مهمتان جداً، والوضع في تهامة ممتاز وهناك تقدم على الأرض، فإذا تحررت تعز وآب، واقتربنا من الحديثة، فستنهار ميليشيات الحوثي.
-
الأستاذ نجيب غلاب: أعتقد أنه من المهم جداً إعادة تجميع القوات، ليس فقط قوات الحرس الجمهوري، هناك ما يسمى بالقوات الخاصة وكذلك قوات الأمن المركزي، وأعلم أن كثيراً من ضباط الأمن والجيش والجنود يرفضون سيطرة الحوثيين، على عكس الدعايات الحوثية، لذا أقول: إن تجميع القوات من ضباط أمن ومخابرات وجنود ممكنة ولكن تحتاج إلى ترتيب وخطة واضحة، ثم إعادة بناء هذه المؤسسات بطريقة صحيحة، ما حدث يوم 2 ديسمبر من انشقاق داخل الانقلاب كان زلزالاً، انتفاضة صنعاء ستعيد التوازنات داخل اليمن، لكن حزب المؤتمر لن يستطيع تشكيل هذه التوازنات، بل التحالف بالتنسيق مع الشرعية، تمهيداً لالتحام قوة جديدة بالشرعية وبالتالي حسم المعركة العسكرية والأمنية وحتى السياسية في اليمن، بدون هذا الالتحام والتعاون سيستمر الشتات، وستكون فرصة للحوثيين لاستعادة الزمام.
تجاوز الانتماءات الصغيرة
طرح الزميل صلاح السليماني السؤال التالي: نتحدث عن انقسامات سياسية كثيرة، بين المؤتمر والإصلاح، والشمال والجنوب، والحوثي، كمثال بسيط عندما نتحدث عن تقدم في تهامة، نذكر المقاومة التهامية، لا نتحدث عن المقاومة الجنوبية، كذلك نتحدث عن انقسامات داخل الإصلاح حيث لا نرى لهم تقدماً في منطقة نهم رغم تواجدهم القوى فيها، كيف يمكن تجاوز هذه الانقسامات وصولاً لتحرير صنعاء؟
د. حمدان الشهري: ببساطة إذا أدرك اليمنيون أن مشكلتهم ليست مع شمال أو جنوب أو مع هذا الحزب أو ذاك، بل مشكلتهم مع إيران، آنذاك سيدركون هدفهم، يجب أن نتجاوز الانتماءات الصغيرة في سبيل حماية اليمن، هذه المشكلة إذا لم يتخلص منها اليمنيون لن تنتهى مشاكلهم، المشكلة إذن في عدم وضوح الصورة، ما هو هدفنا، ومن هو عدونا الحقيقي، على اليمنيين أن ينظروا إلى المشهد بصورة شاملة بعيداً عن الرؤى الضيقة.
كما سأل الزميل صلاح القرنى: كيف ترون المشهد السياسي في اليمن خلال السنتين المقبلتين؟
الأستاذ عمر مجلي: أعتقد أن الحوثيين سيحاولون تعزيز موقفهم داخل صنعاء بأي شكل من الأشكال، ودخول صنعاء لن يكون سهلاً حقيقة، لكن ما سيحدث هو أن الشرعية ستعزز جبهاتها الأخرى، وتسيطر على تعز والحديدة، وبالتالي سيضعف الحوثيون، ويتم عزلهم في صنعاء، وهذا سيقود إلى تعزيز موقف الشرعية، وفرض شروطها على الحوثيين، من تسليم للسلاح، وغيره، الحوثي لن يرضخ حتى يشعر بأنك أقوى منه، حينها سيلجأ للتفاوض، ويتنازل عن مواقفه المتعسفة.
نهاية الحل السياسي
حول فرص الحل السياسي في اليمن قال الأستاذ نجيب غلاب: إن الأبواب كانت مفتوحة بالكامل له، وأضاف «لم نترك طريقة لمحاولة استيعاب الحوثية، ومحاولة جعلها طرفاً أساسياً لا طرفاً ثانوياً، وشريكاً في العملية السياسية قبل عاصفة الحزم، وبذلنا جهوداً كبيرة مع الحوثية لاستيعابها، لكن كلما قدمنا لها التنازلات ظل السلاح هو لغتها الوحيدة، مع لبس الأقنعة لتسويق هذا السلاح، وشكلت شبكات مع الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية، حتى تمكنت من اختراق القوة السياسية اليمنية لمحاولة تسويق هذا السلاح، كان السلاح هو جوهر الحركة الحوثية، وكان هذا السلاح ممثلاً لولاية الفقيه وهي ولاية شاملة مطلقة تشيطن الآخر الذي لا يؤمن بها، حتى وصلنا إلى مرحلة الانقلاب، وحتى ما بعد الانقلاب ودخولها صنعاء ساهمت أطراف يمنية والأمم المتحدة وبعض الدول، في تكريس هذه الحركة كطرف متحكم وليس مجرد طرف أساسي في العملية السياسية، على أن تلتزم بوثيقة السلم والشراكة، بجانبها السياسي وجانبها الأمني والعسكري، ولم تلتزم الحوثية بذلك، بل مارست انقلابها واستولت على السلاح، وسيطرت بقوة السلاح على الرئيس وعلى الحكومة والأحزاب السياسية، ثم بدأت بغزو المحافظات»
تعليقات
إرسال تعليق