المملكة حاربت الإرهاب لينعم العالم بالسلام
تعد المملكة من أوائل الدول التي أولت التصدي لظاهرة الإرهاب اهتماماً بالغاً على مختلف المستويات بالتعاون مع حلفائها خاصة الولايات المتحدة الأميركية منذ عقود، وقامت بخطوات جادة في مكافحة هذه الظاهرة محلياً وإقليمياً ودولياً، وأسهمت بفعالية في التصدي لها وفق الأنظمة الدولية لتقوم بحرب بالوكالة ضد الإرهاب.
ومنذ أن وقعت المملكة على معاهدة مكافحة الإرهاب الدولي في منظمة المؤتمر الإسلامي خلال شهر مايو 2000م، وهي تواصل جهودها في استئصال الإرهاب بمختلف الوسائل، والتعاون مع المجتمع الدولي في جميع المحافل الدولية التي ترمي إلى الوقوف لمواجهة هذه الظاهرة واجتثاثها، وتجريم من يقف خلفها.
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - أتت واحدة من أكبر المبادرات الدولية والإسلامية في مكافحة هذه الآفة بتشكيل التحالف العربي الإسلامي لمحاربة الإرهاب بقيادة المملكة، وإقامة مركز عمليات مشتركة في الرياض؛ لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمكافحة الإرهاب، ولتطوير البرامج والآليات اللازمة لدحره.
حرب بالوكالة
وقال اللواء م. مستور الأحمري - خبير استراتيجي -: إن المملكة تشن حرباً بالوكالة ومستمرة على الإرهاب، والذي عانت منه خلال العقود الثلاثة الماضية، مضيفاً أن المملكة عبرت على لسان مسؤوليها مراراً أنها متضررة من الإرهاب، وأنه يستهدف أمنها واستقرارها، وذلك لما دأبت عليه بعض الدول والقنوات والصحف الإعلامية من اتهامات ظالمة للمملكة في ما يخص قضايا الإرهاب والتشدد والتطرف وغض النظر عما كان يحدث من تفجيرات ذهب ضحيتها كثير من الأبرياء، مبيناً أنه استمر التنسيق والتعاون الأمني بين المملكة والولايات المتحدة على أعلى المستويات وكثير من دول العالم لمحاصرة الإرهاب والتطرف بكل أشكاله، وتم تشديد الرقابة على تحرك الأموال لقطع إمداد تلك الخلايا التي استغلت التبرعات والأموال غير النظامية لتمويل أنشطتهم الإرهابية، ذاكراً أنه لم تكن المملكة هي الوحيدة التي تأثرت بالهجمات الإرهابية وإنما شملت بعض الدول العربية، ثم انتقل الإرهاب إلى الدول الغربية، وذلك قد حذر منه الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - بأن الإرهاب إذا لم تتم محاصرته فسيصل إلى الغرب، وكان ذلك ما حصل لاحقاً مع الأسف.
تمرس الأمن
وأوضح اللواء م. الأحمري أنه مع هذه المعطيات استمر التنسيق مع الولايات المتحدة ثم الدول الغربية، وقد أعلنت ذلك رئيسة وزراء بريطانيا عندما قالت: "تلقينا معلومات من المملكة عن عمليات إرهابية تم إفشالها قبل أن يتم التنفيذ"، وهذا يدل على تمرس أجهزة الأمن في المملكة في إفشال مخططات الإرهاب قبل التنفيذ، مضيفاً: "أعلنت المملكة على لسان ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - أنها عازمة على تدمير التطرف والتشدد، وذلك للرجوع إلى الإسلام الوسطي المعتدل، مما يساهم في القضاء على مظاهر التشدد؛ ليكون التسامح هو عنوان المملكة الجديد بما فيه تقبل الآخر"، مبيناً أنه في مايو 2017م توجت جهود المملكة والولايات المتحدة بإنشاء مركز اعتدال، والذي يهتم بنشر التسامح ومحاربة التطرف والإرهاب، وكذلك العمل بشكل وثيق مع الولايات المتحدة لمحاصرة الإرهاب وتدمير أوكاره في أي مكان، وذلك من ضمن التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب.
رسالة متعددة المعاني
وتحدث د. محمد الهدلاء - خبير أمني - قائلاً: يشهد العالم أجمع في هذا العصر موجات إرهابية كثيرة وخطيرة ومتنوعة، فليس هناك بلد في العالم إلاّ وقد اكتوى بنار هذا الوباء، مضيفاً أن المملكة صاحبة رسالة متعددة المعاني يأتي في مقدمتها أنها دولة تقف بصلابة ضد الإرهاب، وتضع نفسها في مقدمة الدول التي تعهدت بكل شجاعة وإصرار على محاربته، ودعوتها لمد جسور التعاون بين دول العالم كافة لمواجهة هذه الآفة الخطيرة، وتنسيق الجهود لمحاربتها من خلال تنظيم مؤتمرات مكافحة الإرهاب على الصعيدين الوطني والدولي، ووضع استراتيجية وطنية متكاملة لمكافحة الإرهاب، ذاكراً أن المملكة تدين الإرهاب أياً كان مصدره، وتدعو إلى إزالة أسبابه، وتنقية البيئة التي ينشأ فيها، ومعاقبة مرتكبيه، وتتعاون مع المجتمع الدولي لاجتثاثه، ثم إنها حين تكافح الإرهاب وجماعات التطرف داخلياً وخارجياً، وتكوّن التحالفات الدولية وآخرها الاتفاقيات مع الولايات المتحدة الأميركية - على هامش زيارة سمو ولي العهد الأخيرة -، فهي تمثل نهجها وتتمثل ذاتها، وليست تناور بورقة الإرهاب كما يفعل غيرها، مؤكداً على أن التنسيق والاتفاقيات الأمنية التي تمت خلال زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - للولايات المتحدة مع القيادة الأميركية يعتبر التحالف ضد الإرهاب أهم بنود هذه الاتفاقيات، كما أن الاتفاقات السعودية - الأميركية الأمنية الأخيرة من المتوقع أن تحقق نتائج مهمة وملموسة وكبيرة سوف يشهدها العالم، خاصةً الاستفادة من تجربة المملكة في التصدي لظاهرة الإرهاب.
خطاب إعلامي
وذكر د. الهدلاء أن المملكة اتخذت في حربها الطويلة مع الإرهاب، جهوداً وخططاً متوازية لم تقتصر على الجانب الأمني فقط، بل ترافق معها مشروعات فكرية واجتماعية وتوعوية، وكانت حكومة المملكة من أولى الحكومات في العالم التي أخذت مسألة محاربة الإرهاب بشكل جاد وصارم، بالفكر والمناصحة تارة، وبالحزم والسلاح متى ما لزم الأمر، وخطت المملكة خطوات مهمة وملموسة في مكافحة ظاهرة الإرهاب الخطيرة، وأسهمت بفعالية في التصدي لهذه الظاهرة، ومن ويلاتها ونتائجها المدمرة من خلال المؤتمرات واللقاءات والمشاركات العربية والدولية، مضيفاً أن الخطوة القادمة والمهمة التي تعمل عليها الآن المملكة لمواجهة الإرهاب هي إيجاد خطاب فكري وديني وإعلامي مضاد لظاهرة التطرف ومحاولة نشره بمختلف الوسائل المتيسرة الأكاديمية والإعلامية والمنبرية، فأساليب مكافحة الإرهاب في المملكة قد تجاوزت الاستراتيجيات الأمنية التقليدية، إلى حرب ضد الأفكار، وجعل المتطرفين يدركون فهمهم الخاطئ للإسلام من خلال نشر خطاب الاعتدال والوسطية، وإزالة كل مظاهر التشدد سواء التطرف في الدين أو التطرف ضد الدين، فالتطرّف ليس من الإسلام في شيء، فهو عضو فاسد ولا علاج له سوى الاستئصال، والمملكة عاقدة العزم على استئصاله، مشيراً إلى أن مركز اعتدال الذي دشنه الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - إبان وجود رئيس الولايات المتحدة الأميركية ترمب في مايو 2017م يأتي نتيجة ثمرة التعاون الدولي في مواجهة الفكر المتطرف المؤدي للإرهاب العدو الأول المشترك للعالم، ذاكراً أن مركز مكافحة الإرهاب هي فكرة سعودية ناجحة، ونحمد الله أن من يقود العالم للحوار والسلم ومن يحارب الإرهاب في العالم هي قيادة هذا البلد.
حزم وقوة
وسلّط د. عبدالرحمن القراش - مؤسس برنامج صمود للوقاية من الإرهاب - الضوء على تاريخ الإرهاب في المملكة، موضحاً أن أول حادثة إرهابية تتعرض لها المملكة هي حادثة جهيمان العام 1979م، ومنذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا وهي في مواجهة مفتوحة مع الإرهاب وفلوله، حتى أصبحت مثلاً عالمياً يحتذى في الضربات الاستباقية للأحداث التي تعيق الإرهابيين في تحقيق أهدافهم، مضيفاً أن المملكة قبلة الإسلام في المنطقة، والقوة الاقتصادية الكبيرة على مستوى العالم، وأكثر الدول التي تعرضت لهجمات الإرهاب الشرسة خلال العقدين المنصرمين، وواجهته لوحدها بحزم وقوة على الأصعدة كافة، فمن البديهي أن تسعى أميركا كدولة عظمى إلى الاستفادة من هذا الزخم الذي تتمتع به المملكة لتوحيد الجهود أمام هذا الطوفان، لافتاً إلى أن التعاون السعودي الأميركي له ثقل سياسي يقي المنطقة من ويلات الإرهاب والأفكار المتطرفة التي تتخذ الدين ستارة لبلوغ أهدافها، وهذا الثقل يجعل المنطقة أكثر استقراراً وجذباً للاستثمار والتطور المعرفي والفكري، ناهيك عن التناغم مع المنظومة الدولية نحو التقدم والازدهار.
from جريدة الرياض >https://ift.tt/2GJBxfO
via IFTTT
تعليقات
إرسال تعليق