أشغلوا أوقات أبنائكم بكل ما هو مفيد في الإجازة

تُشكّل الإجازات الصيفية الطويلة عبئاً كبيراً لدى كثير من الأسر التي تجد في شغل أوقات فراغ أبنائهم بما يعود عليهم بالفائدة والمتعة تحدياً كبيراً، ليس لقلة البرامج والفعاليات المخصصة للأبناء، بل لضعف برامج الاستعداد والتخطيط الجيد من جانب أسرهم، ومن هنا تبدأ معاناة كبيرة في الإجازة من أول أيامها ولا تكاد تنتهي إلاّ بنهايتها، في ظل جهل كبير بالأبعاد الخطيرة لأوقات تخلو من أهداف محددة أو برامج مفيدة.

إن أهم خطوة يمكن للوالدين القيام بها هي اقتراح برامج مناسبة لأبنائهم ليختاروا منها ثم تسجيلهم مبكراً فيها، حيث إن هناك عديداً من المراكز أو النوادي تقدم نشاطات معقولة لفترة الصيف، ومن أمثلتها: المراكز الصيفية، برامج رعاية الموهوبين، مراكز التنمية الاجتماعية، كما أن هناك برامج تجمع بين المتعة والفائدة وهي فرصة لإشغال وقت الأبناء في الإجازة، خاصةً إن لم تتعارض مع الخطط الأسرية مثل السفر.

كسل ونوم

وقال د. محمد الشريم - مستشار اجتماعي -: إن بعض الأسر بالفعل ترى في الإجازة عبئاً كبيراً وتتمنى أن تنتهي بسرعة حتى يعود الأبناء إلى مدارسهم، في حين إن هناك أسراً تنظر للإجازة الصيفية على أنها فرصة رائعة ينبغي أن يستفيد منها الجميع، أو على الأقل تنظر إليها على أنها مزيج بين الأعباء والفرص، ولكن بشيء من التخطيط وترتيب الجداول والنشاطات يمكن أن تتحقق فيها بعض الفوائد، بدلاً من ضياعها كاملة دون فائدة، مؤكداً على أن المعاناة الأولى التي تشتكي منها كثير من الأسر أن الإجازة الصيفية تعوّد الأبناء على الكسل والنوم وانقلاب الجدول اليومي، مبيناً أن الفراغ الطويل ينتج عنه كثرة الطلبات، ويزداد الأمر سوءاً حينما تدخل المقارنات بين الأسر، ويبدأ الأبناء في الضغط على والديهم للسفر مثل غيرهم، مشيراً إلى أنه حينما يعتاد أفراد الأسرة الكسل في الإجازة يصبح أمراً اعتيادياً، ويصعب تغييره، لذلك فمن المهم التنبه لهذا الأمر مبكراً، فالمرحلة الانتقالية بين الامتحانات والإجازة تمثل الفرق بين قمة الشد وقمة الاسترخاء، وهذه فترة ينبغي الاهتمام بها.

برامج مناسبة

وأوضح د. الشريم أن أهم خطوة يمكن للوالدين القيام بها هذه الأيام هي اقتراح برامج مناسبة لأبنائهم ليختاروا منها، ثم تسجيلهم مبكراً فيها، مع أن التفكير مبكراً في برامج صيفية يقلل الاعتراض والتذمر فيما لو طلب من الأبناء المشاركة فيها بعد فترة من اعتياد جو الإجازة، مضيفاً أن الإجازة الصيفية فرصة للدمج التطبيقي بين المتعة والفائدة، ولكن من الضروري أن يستعد الوالدان لذلك بشكل جيد، وفيها أيضاً تصحيح لمفهوم خاطئ أن المتعة في ترك العمل، وبالعكس المتعة تكون في عمل أشياء محببة إلى النفس منها الاستفادة من التحفز الذهني العالي للتعلم، والذي ينبغي استثماره إيجابياً، فراحة الذهن ليست بإيقاف استخدامه، ذاكراً أن هناك عديداً من البرامج الصيفية، من مراكز أو نوادٍ، ولكن الأمر يحتاج سؤالاً وبحثاً، وغالبها تقدم نشاطات معقولة لفترة الصيف، ومن أمثلتها: المراكز الصيفية، برامج رعاية الموهوبين، مراكز التنمية الاجتماعية. ففيها استغلال للوقت مغاير للنمط المدرسي المعتاد، كما توجد برامج صيفية للفتيان والفتيات، صباحية وأخرى مسائية، ويمكن اختيار الوقت المناسب للأبناء والأهل لتسجيلهم فيها، مشيراً إلى أنه توجد برامج للفتيات تجمع بين حفظ القرآن ومدارسته، ونشاطات تعليمية وثقافية واجتماعية مميزة، وهناك مراكز تقدم برامج نوعية للصغار تناسب أعمارهم واهتماماتهم، وتثري تجاربهم وتنمي خبراتهم الاجتماعية والنفسية.

وذكر أن هناك برامج تجمع بين المتعة والفائدة وهي فرصة لإشغال وقت الأبناء في الإجازة الصيفية، خاصةً إن لم تتعارض مع الخطط الأسرية مثل السفر، ودور الوالدين والأسرة عموماً يكمن في اختيار البرامج المناسبة لتوجهاتهم، ولرغباتهم، مع الحرص على وجود إشراف جيد والتزام بالسلامة، مضيفاً: «لكن، لا تحاولوا إقناع أطفالكم أو أبنائكم بهذه البرامج بمدحها أمامهم فقط، بل اصحبوهم لزيارتها والتعرف عليها للاقتناع بأنفسهم».

انشغال بالتقنية

وتحدث عبدالفتاح الرويس - كاتب صحفي وتربوي - قائلاً: إنه لا تخلو منطقة في بلادنا على امتداد رقعتها الكبيرة من إقامة مراكز ومعسكرات ومهرجانات تتبناها وتشرف عليها وتتابعها جهات مختصة، تتضمن العديد من الأنشطة الرياضية المتنوعة والمسابقات العلمية والأدبية والثقافية والمسرحية والترفيهية، مضيفاً أنه على الرغم من هذا كله هناك من الأبناء من لا يحرص على الالتحاق بهذه المراكز أو هذه المعسكرات أو هذه المهرجانات أو على الأقل يتردد عليها من باب إشغال فراغهم، بدلاً من التسكع في الشوارع وإيذاء المارين أو تعمد التفحيط بالسيارات، أو لجوئهم للانعزال والانكفاء على أنفسهم داخل منازلهم أو في أماكن معينة والانشغال في الأجهزة التقنية وما أدراك ما هذه الأجهزة التقنية، حيث تعرض لهم ما هب ودب من المعلومات والأفكار السلبية والمعتقدات الهدامة للقيم الاجتماعية، مبيناً أن المشكلة ليست في قلة أو ندرة البرامج والأنشطة والفعاليات التي من شأنها تشغل فراغ هؤلاء الأبناء، وإنما تتعلق في عدم تمكن البعض منهم من الحضور لهذه المراكز والمهرجانات، إمّا لبعدها وعدم توفر وسيلة نقل لنقلهم إليها بصورة مستمرة، أو انشغال آبائهم عنهم بأعمال وظيفية، أو سفرهم للخارج، أو افتقارهم للتوجيه وحثهم على الانضمام لهذه المراكز والمهرجانات لما فيها من فوائد وانعكاسات إيجابية على مجمل سلوكياتهم وأخلاقهم العامة، مشيراً إلى أن أغلب أبنائنا اليوم أصبحوا رهائن التقنيات الحديثة دونما منازع، بل إن هناك من بينهم من وصلوا إلى حد الإدمان، وهنا تعظم المشكلة إذا لم ينتبه آباؤهم لذلك، ويعملوا كل ما في وسعهم لتجنيبهم خطورتها على الجسم والنواحي العقلية والنفسية، فضلاً عن الوقوع في السلوكيات الخاطئة أو المهلكة.

تخطيط وإدارة

وقالت الجوهرة القحطاني - مستشارة اجتماعية -: إن حال الأسر مع أبنائها في استغلال الإجازة الصيفية يأتي على نهجين، فهناك أسر تهتم بدقة وتبحث عن برامج هادفة مفيدة ذات محتوى مميز يخرج منها الأبناء بقيم وممارسات وسلوكيات تعود عليهم بالنفع ويعرفون من خلالها قيمة استغلال الوقت وأن لا مكان للعيش بعشوائية، مضيفاً أن هناك أُسراً تفكر كيف تتخلص من إزعاج أبنائها وذلك من خلال تسجيلهم بأندية أو مخيمات صيفية لا تعرف ما هو محتواها وتنبهر فقط بالمظهر الخارجي، بينما هناك أيضاً أُسر ليس لديها استعداد للتفكير بذلك لاعتقادهم أن الإجازة هي للعب والترويح عن الأبناء، وأن لهم الحق أن يعيشوها كما يشاؤون بعشوائية وملل وتذهب بلا فائدة، بل قد تجلب لهم مشكلات من خلال اكتسابهم سلوكيات وممارسات سلبية تدمر قيم قد اكتسبوها أيام انضباطهم بمدارسهم، متأسفةً على أن البعض لا يعرف أن هناك أبعاداً نفسية سيكولوجية على شخصية الأبناء.

ونصحت الآباء والأمهات بالتخطيط لإدارة أوقات الأبناء بكل ما هو مفيد لتنمية وتوسيع مداركهم وممارساتهم السلوكية؛ لأن الأثر من عدم استغلال الوقت هو اكتساب عادات سلبية، أيضاً عليهم أن يدركوا أهمية إكساب الأبناء قيماً سلوكية في أوقات الفراغ، وأن ذلك يحتاج منهم جهداً ووقتاً مخصصاً للأبناء، لافتةً إلى أن الإجازة أشهر إنجازات وفرصة لبناء العقول والشخصية واستغلال المواهب والقدرات والمهارات لأبنائنا؛ وذلك لأن المجالات متعددة ومتنوعة بما يعود عليهم بشكل إيجابي، فهذا كله سيسهم في إخراج جيل يبني وينهض بمجتمعه بشكل كبير.

الانشغال بالأجهزة له مضار كثيرة


from جريدة الرياض >https://ift.tt/2Kks0OL
via IFTTT

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هاشم النعمي.. المؤرخ والقاضي والأديب

"هيئة الإحصاء": ارتفاع الصادراتِ السلعيَّة للمملكة خلال شهر فبراير 2022م بنسبة 64.7%