التخصص الجامعي.. «دَعِ ابنك يختر ما يشاء»
بعد انتهاء اختبارات العام الدراسي، يبدأ الطلاب والطالبات الخريجون من المرحلة الثانوية، رحلة البحث عن مقاعد في الجامعات، سواء الحكومية أو الخاصة، وكذلك البحث عن التخصص الدراسي، الذي يصطدم أحياناً برغبة الأهل، خاصةً الوالدين، وتدخلهم المباشر في فرض تخصص معين لابنهم أو ابنتهم بعيداً عن رغباتهم، وكذلك بعيداً عما يحتاجه سوق العمل.
ونبّه عدد من المختصين والتربويين إلى ضرورة تجنب اختيار التخصص وفقاً لرغبات الآخرين، أو بغرض التباهي بين الأسر، وإنما يجب دراسة متطلبات سوق العمل في المرحلتين الحالية والمستقبلية، تماشياً مع رؤية المملكة 2030؛ للتعرف على التخصص المتوقع أن يجد فيه الطالب وظيفة مناسبة.
عملية مصيرية
وقال ناجع الصميلي - متخصص في الإرشاد الطلابي-: إن عملية اختيار التخصص لها أثر كبير في شخصية الفرد وفي حياته الحاضرة والمقبلة، فهي عملية مصيرية حاسمة، تحدد مستقبله، وترسم له معالم النجاح أو الفشل في الحياة، مضيفاً أن اختيار التخصص من أهم القرارات التي يتخذها الفرد بين قرارات كثيرة يتخذها في كل يوم وكل ساعة، مبيناً أن اختيار التخصص الدراسي قرار ذو طابع خاص؛ حيث إن الفرد لا يستطيع أن يتخذه جزافاً، فهذا القرار لا بد أن يراعي ميول الطالب وقدراته وقيمه وسماته الشخصية ومفهومه عن ذاته وتفضيلاته الدراسية، مؤكداً أن الشخص الناجح يهتم بجمع معلومات وافية وشاملة تتعلق بالتخصص، ويفكر في مستقبله الدراسي بشكل مستقل وليس متأثراً بالآخرين، فإذا ما أحسن اختيار التخصص استطاع أن يتكيف مع بيئته الدراسية ومع نفسه، الأمر الذي يساعده على الشعور بالسعادة والرضا والقدرة على أن يحقق ذاته.
فروق فردية
وأوضح الصميلي أن اختيار الطالب التخصص المناسب يؤدي إلى عدم اضطراره إلى تغيير تخصصه، بعد أن يكون قد قضى فيه شهوراً أو سنوات، فضلاً عن حالات الفشل التي قد تنتج من سوء الاختيار، وفي كثير من الأحيان نجد أن الطلبة لا يختارون التخصصات الدراسية وفقاً لأسس علمية وموضوعية، أو بناءً على معرفة سابقة بطبيعة هذه التخصصات وموضوعات الدراسة التي يتضمنها ومعرفة سهولتها أو صعوبتها، مضيفاً أن هناك كثيرا من العادات الخاطئة في اختيار الطالب تخصصه، فهناك من يختاره نظراً لما يتمتع به من شهرة وبريق، وهناك من يلتحق بتخصص معين بناءً على توجيهات الآباء أو نصائحهم، دون أن يأخذ في الحسبان ميوله وقدراته واستعداداته، أو قد يلتحق بتخصص لمجرد أنه رأى زملاء له التحقوا به ونجحوا فيه، وينسى أن هناك فروقاً فردية بين الناس، تجعل ما يناسب فرداً ما قد لا يتناسب مع غيره.
سؤال الطلاب
وأكد خالد العريشي -تربوي- أنه يجب على الطالب أو الطالبة أن يقوما بجمع المعلومات حول التخصص الذي يرغبان بدراسته في الجامعة، ويكون ذلك عن طريق مواقع الجامعات على الإنترنت، أو من خلال المرشدين، كما يمكن سؤال الطلاب السابقين خاصةً من هم في الأعوام الأخيرة من الدراسة عن طبيعة التخصص ومستقبله، وليس عن رأيهم في التخصص كونه سهلا أم صعبا، إضافةً إلى أنّه يمكن البحث عن خريجي التخصص وسؤالهم عن الوظائف التي يمكن ممارستها بعد التخرج، وبذلك ستكتمل الصورة في ذهن الطالب حول مستقبله، ومن خلالها يمكن تحديد الرغبة في التخصص الذي يريد أن يلتحق به، مبيناً أن الرغبة في التخصص عامل مهم وأساسي في الاختيار، لكنه يأتي بعد التعرف على التخصص والسؤال عنه، ذاكراً أن الخطأ الذي يقع فيه كثير من الشباب هو عدم التفريق بين الإعجاب بالتخصص وبين الرغبة فيه، وهو ما يقع فيه الطالب عندما يسمع عن تخصص ما كلاماً جميلاً ويتحمس له ويختاره دون البحث عنه والتعرف عليه من خلال الطلبة الذين دخلوه من قبل، أو من خلال البحث والقراءة عنه في الإنترنت وغيرها من المصادر.
سوق العمل
وتحدث محمد الحكمي قائلاً: يجب على الطالب أو الطالبة قبل اختيار تخصصه الجامعي أن يُراعي الفرص المتاحة في سوق العمل، إذ إن مراعاة سوق العمل من أهم الأمور التي يجب التفكير فيها قبل اختيار التخصص الجامعي، فلا يُعقل أن أحبّ تخصصاً، وأتفوّق فيه، ثمّ لا أجد له فرصة في السوق، كذلك عليهم أن يواكبوا المتغيرات الاقتصادية والإصلاحية التي يمر بها الوطن الغالي، وأن يواكبوا رؤية 2030، بحيث يختار تخصصا يكون من خلاله في المستقبل طالباً منتجاً، لا طالباً عاطلاً، يفيد وطنه ويفيد نفسه، لذا عليهم من الآن فصاعداً البحث عن التخصصات التي يحتاجها سوق العمل.
معدلات عالية
وقال د. إبراهيم زعلة: يجب على الطالب أن يسأل نفسه ماذا يريد أن يُصبح بعد عشر سنوات مثلاً، ثمّ التفكير في الإجابة جيداً وبتأنٍّ، وبعدها يُفضل كتابة ثلاثة تخصصات مرتبة حسب أهميتها بالنسبة له، ويجب الانتباه هنا إلى أنّه عند اختيار الطالب لرغباته، يجب أن تكون مبنية بعيداً عن رغبات الوالدين، أو تماشياً مع الأصدقاء، كما يجب تجنب نظرة المجتمع للتخصص، مضيفاً أنه يعد اختيار التخصص الجامعي المناسب من أهم عوامل النجاح في الدراسة، وكلما كان التخصص مناسباً لميول الطالب ورغباته، سهل عليه اجتياز هذه المرحلة بتفوق ونجاح، وجعله يحقق معدلات عالية تنعكس بالإيجاب على مسيرته العملية فيما بعد.
عدة عوامل
وأوضح محمد القيسي- مدير مدرسة ثانوية- أن هناك عدة عوامل تتداخل في اختيار التخصص الدراسي، منها الأسرة والأصدقاء ووسائل الإعلام والإنترنت، وكذلك العادات والأعراف، ما يجعل من الاختيار الصحيح للتخصص أمراً صعباً ومعقداً، بل يترك الطالب في حيرة بين ميوله ورغبات ولي أمره، مضيفاً أنه اليوم نجد الطلاب قد أصبحوا أكثر وعياً وإدراكاً لاختيار تخصصاتهم في ظل انتشار الإنترنت والانفتاح الإعلامي والرقمي الذي يساعد على إرشادهم وتوعيتهم بمتطلبات سوق العمل، إلى جانب المبادرات والحملات التوعوية التي تقوم بها عديد من الجهات لمساعدة خريجي الثانوية العامة على تحديد خيارهم التعليمي، كما لا ننسى أيضاً دور المرشد الطلابي في المدارس خاصةً في المرحلة الثانوية، حيث يقوم بإرشاد الطلاب لبعض التخصصات التي تناسبهم وتناسب إمكاناتهم.
from جريدة الرياض >https://ift.tt/2MCqdSa
via IFTTT
تعليقات
إرسال تعليق