الادخار من الراتب.. اترك مالك ينفعك في المستقبل
يلجأ الكثير من الناس للقروض من أجل تسيير أمورهم الهامة، والسبب في ذلك عدم توفر السيولة لديهم، في الوقت ذاته هناك كثير من الناس لا يتبعون سياسة الإدخار، حيث يصرفون راتبهم الشهري بالكامل، ولا يجمعون أي ريال لشراء أرض وتشييدها مستقبلاً، وذلك على سبيل المثال.
ويفشل أغلب أفراد المجتمع في توفير مبلغ يساعدهم على تجاوز أي ظروف طارئة، فبمجرد أن ينزل الراتب في الحساب إلاّ ويتم سحبه بطريقة دفعات حتى لا يبقى منه شيئاً، ليبقى من المهم تغيير نمط الاستهلاك وذلك عن طريق خفضه لتوفير مبلغ للادخار، وكذلك عدم الانجراف مع عروض الأسواق أو المحال، إضافةً إلى أنه لابد من وضع ميزانية للمنزل يجب عدم تجاوزها، حتى يكون هناك تنظيم للصرف، وبالتالي الحفاظ على المال.
ليست معقدة
وقال عبداللطيف عبدالرحمن النعيم -محاضر-: كثير ما نسمع في حياتنا اليومية مصطلح الادخار، ولكن قبل ذلك هل تساءلت يوما ما هو الادخار؟، وهل فعلاً تقوم بتطبيق آلية الادخار بشكل صحيح أم لا؟، وقد يتبادر إلى الذهن ما الفائدة من حجب جزء معلوم من الدخل بشكل متكرر؟، أسئلة كثيرة يتم تداولها في هذا الشأن، وسوف يتم توضيح ذلك بشكل مختصر لما للادخار من اتساع وأهمية، مضيفاً أن الادخار في اللغة يعني ذلك المبلغ من المال الذي لا تحتاج إلى إنفاقه، والادخار بالنسبة للفرد هو ذلك المبلغ المتبقي بعد الإنفاق، والادخار بالنسبة للبنوك أو المؤسسات المالية هو أداة مالية قصيرة الأجل ويتم من خلالها تقديم فائدة بناء على المبلغ المودع في الحساب ويسمى حساب ادخار، مبيناً أن آلية الادخار ليست بالمعقدة فكل ما عليك استقطاع ما يقارب (10-20%) من الدخل بشكل شهري في حساب مستقل لا تستطيع الوصول إليه، ويجب أن تكون هذه الركيزة الأساسية ولا يتم التخلف عنها بحجة تراكم المسؤوليات، فعليك التأقلم مع ذلك وبعدها لن تشعر بالمستقطع، ولكن يجب الالتفات إلى قاعدة أساسية مفادها أن قيمة النقود تتناقص مع مرور الزمن والعامل الأساسي للتناقص هو التضخم، ومن هنا قد تتساءل هل يمكن أن أدخر جزء من المال وتقل قيمته مع مرور الوقت؟، إذا ما الفائدة من الادخار؟، لكي تتم الإجابة على ذلك لابد من ربط مفهوم الادخار بمفهوم إعادة الاستثمار كون الادخار والاستثمار وجهان لعملة واحدة، مشيراً إلى أنه من هنا يمكن أن نضع تعريف بسيط للادخار وهو أخذ مبلغ معين من الدخل المتاح بهدف تكوين رأس مال وإعادة استثماره بهدف توليد تدفقات نقدية إضافية، وذلك بهدف الحفاظ على القوة الشرائية للمبلغ المدخر.
وأضاف أن نتيجة الادخار هي دخل إضافي يمكن أن تصنع من خلاله ثروة مالية، وفي التاريخ شواهد كثيرة على من انتفع من الادخار، ولابد أن تضع في الاعتبار أن ثقافة الادخار هي إحدى مبادرات رؤية المملكة 2030، لذلك لابد من التفكير الجدي لتطبيق هذه الثقافة، مضيفاً أن الادخار هو جزء رئيسي من درعك الواقي لمواجهة المستقبل.
تقليل الصدمات
وذهب د. عبدالعزيز الدقيل إلى الأمثال الشعبية، مضيفاً أنه من أمثال أهل القصيم القديمة يقولون:
ثلث المكدة حطها في بعارين
وثلث تخرَّج منه واضبط حسابه
والثلث الآخر صك دونه كوالين
يجري على المخلوق شي ما هقابه
فالأولى استثمار والثانية مصاريف والثالثة ادخار، ومن هنا نلحظ أهمية الادخار منذ القدم في أنه ليس في كونه طريقة لتكديس المال بشكل جشع كما يفسره البعض، بل في كونه نظاماً لتقليل صدمات الحياة وتحسين جودة معيشتنا ومعيشة أسرنا، مبيناً أن الهدف الأساسي من الإدخار هو أن تكون لديك الأموال التي تحتاجها في أوقات أو ظروف غير متوقعة، فهو نظام تأميني قوي، فنحن نحتاج فعلاً أن ندّخر بعض المال لبعض الأمور التي يمكن توقعها كذلك، ومنها على سبيل المثال: توفير المال اللازم لإمتلاك منزل شخصي، فإن كنت قد ادخرت المال الكافي لذلك فإنك سوف لن تحتاج إلى الإقتراض، أو على الأقل لن تكون مضطراً إلى اقتراض كامل كلفة تملك المنزل.
داعم حقيقي
وأكد علي البراهيم -إعلامي- على أن الادخار يعد من ضروريات الحياة، في وقت يعتبر فيه الداعم الحقيقي في تأمين المنزل إلى جانب ضمان وفرة المال عند تقلب الحياة أو تعرض الأسرة للأزمات المالية، متأسفاً أن مجتمعنا لم يعتد على ثقافة الادخار، وكل شيء من حوله يحثه على الصرف، حيث العادات التي تشجع على بسط اليد كل البسط، فضلاً عن العروض والإعلانات التجارية التي تحيط به من كل جانب، والتي تقوده عنوة باتجاه صرف كل ما في جيبه وهو مغمض العينين، مبيناً أن الظاهرة لا تقف عند حدود صرف ما في الجيب فحسب، بل تعدت إلى القروض، حيث يلجأ البعض أحياناً للاقتراض لمجرد الترفيه عن نفسه، في وقت لا تستطيع فيه التفريق في الشارع بين الغني والفقير، فالكل يركب سيارة فارهة، لافتاً إلى أنه للقضاء على الظاهرة نحتاج إلى العمل على ثلاثة محاور: فالأول تقليص العروض والإعلانات التجارية إلى الحد المعقول، والثاني بث رسائل توعوية مكثفة في الادخار وأهميته عبر وسائل الإعلام المختلفة، والأخير تحجيم القروض والتسهيلات البنكية ووضع آلية تعتمد على حساب دخل الفرد ومصروفاته.
تغيير النمط
وقال عبدالمعين إبراهيم الحسين -طالب قسم المالية بجامعة الملك فيصل-: إن الادخار بالمفهوم البسيط هو جزء من الدخل غير المخصص للاستهلاك، والحديث عن الادخار يطول جداً وهذا يرجع بالتأكيد لأهميته سواء على مستوى الفرد أو المجتمع أو اقتصاد البلد ككل، ولا مبالغة في قول ذلك ونرى ذلك جلياً في اهتمام الدول، مع ملاحظة الادخار ليس لمن يعانون من أزمة مالية بل حتى من لا يعاني فقد يحتاج ذلك على سبيل المثال في تعظيم ثروته، مبيناً أنه من خلال تجربته القاصرة جداً واطلاعه على هذا الموضوع يمكن أن يذكر هذه النصائح المتعلقة بالادخار: أولاً: المبادرة فوراً في تغيير نمط الاستهلاك وذلك عن طريق خفضه لتوفير مبلغ للادخار، ثانياً: الرغبات كثيرة جداً لذلك لا تنجرف خلفها فستؤدي بك في نهاية المطاف إلى الغرق بالديون، ثالثاً: ضع ميزانية لكل عملياتك المالية، رابعاً: أعد استثمار الأموال المدخرة؛ لأن قيمة النقود تنخفض في المستقبل، خامساً: لا مانع من الاستعانة بالمستشار المالي، فقد يكون نقطة تحول في مسيرتك للادخار، سادساً: إن كنت تعاني ضيق في الوقت أو لا تتمتع بالخبرة الكافية أوكل المهمة لمؤسسة ادخارية، سابعاً: لا تيأس إذا كنت لا تستطيع، فحاول مرة بعد أخرى، وادخر ولو كان ريالاً واحداً، ثامناً: لا تنسى الادخار الأخروي وأعني بذلك الصدقة وإن كانت في الأخير إلاّ أنها تعتبر أولوية قصوى.
from جريدة الرياض >https://ift.tt/2A9Sm1e
via IFTTT
تعليقات
إرسال تعليق